الجنة لا تباع ولا تشترى
مثل الوطن لايباع ولا يشترى
افتتاحية الوكالة
كلنا نعلم ان هناك أشياء لا يمكن التفريط بها مهما كانت الأسباب، فالوطن مثلا لا يمكن أن نبيعه الا لمن باع ضميره وخان الأرض والعرض،. لان الوطن هو الأصل والفصل وحمايته الزامي وواجب ، ولعلنا نعيد ذاكرة التأريخ إلى الوراء لناخذ شواهد على ذلك، ففي عام 1982 انسحبت القوات الإسرائيلية من شبه جزيرة سيناء إثر انتهاء المرحلة الانتقالي من معاهدة كامب ديفيد الموقع بين مصر واسرائيل عام ١٩٧٨ برزت مشكلة كبيرة فقد احتفظت قوات الاحتلال الاسرائيلي بمنطقة حدودية صغيرة تدعى ( طابا ) حيث ادعت قوات الاحتلال الاسرائيلي بأنها ليست خاضعة للسيادة المصرية وانها من ضمن الاراضي الفلسطينية المحتلة ولم ترضى و تقتنع مصر بالادعاءت الاسرائيلية و لجأت الحكومة المصرية لمحكمة العدل الدولية في جنيف ( سويسرا ) و قدم الجانب المصري وثائق و خرائط تثبت مصرية طابا الا ان محكمة العدل الدولية لم تقتنع بالحجج المصرية وفتحت باب الشهود للادلاء بالشهادات …
علم بالامر العقيد ( اسماعيل شيرين ١٩٢٠ – ١٩٩٤ ) أحد أفراد الأسرة الملكية المصرية و قريب الملك فاروق و صهره رغم اختلاف مع السلطة فقد كان العقيد اسماعيل شيرين متزوج من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق و كان الزوج الثاني للأميرة فوزية بعد انفصالها عن شاه ايران و الذي غادر مصر مع حاشية الملك فاروق بعد استلام عبد الناصر عام ١٩٥٢ للحكم في مصر و تمت مصادرة جميع امواله و ممتلكاته و استقر به المقام في جنيف ورغم كل ذلك انتفض لوطنه فتطوع العقيد اسماعيل شيرين للشهادة في قضية طابا على الرغم ان الحكومة المصرية صادرت جميع امواله و ممتلكاته في مصر و رحل عنها فقط بحقيبة ثيابه و استندت شهادته في انه كان قائدآ للكتيبة العسكرية المرابطة في طابا وان لديه أوراق و خطابات رسمية من قيادة الجيش المصري وقت ذلك لكتيبته وايضآ كانت أسرته و زوجته يبعثان له الرسائل حيث مقر كتيبته العسكرية أرسلت له بالبريد و ردود كان يبعثها لاسرته و زوجته و أن اختام و طوابع البريد تؤكد و تثبت ذلك و اقتنعت لجنة الخبراء و القضاة في محكمة العدل الدولية بالادلة و الشهادة التي قدمها العقيد اسماعيل شيرين و حكمت باحقية مصر و سيادتها على طابا و انسحبت قوات الاحتلال الاسرائيلي منها عام ١٩٨٨ بعد جهد استمر أكثر من ستة أعوام من المفاوضات الشاقة …
و موقف العقيد اسماعيل شيرين هو موقف أصيل و وطني لانه ادلى بشهادته التي أسهمت في ارجاع الارض لاصحابها رغم أنه كان خارج السلطة و السلطة الجديدة مابعد عام ١٩٥٢ جردته من امواله و ممتلكاته الا انه اثبت انه وطني و يحب وطنه بغض النظر عن السلطة والحكومة..
المختصر : الوطنية و حب الوطن و الانتماء للوطن هي اشياء لا تباع و لا تشترى ..
الرجل الشريف يفرق بين السلطة والوطن فلا يبيع الوطن للانتقام من السلطة التي ظلمته او على الاقل اوجعته لأن السلطة لا تدوم والوطن يبقى للجميع. هكذا هم الاصلاء الذين يحبون وطنهم ولا يفرطون به مهما جارت عليهم الظروف والزمن،
هكذا هم الرجال المؤمنين بحب وطنهم ولا يفرطون به مهما حدث لهم،