بعضهن يتعرضن لأساليب انتقام ملتوية.. لهذا يلاحق التهميش الوظيفي والتنمر المجتمعي الشرطيات العراقيات
كانت العراقية “ن. ع” تنتظر يوما بعد آخر حتى تكمل دراستها وتلتحق بإحدى دورات الضباط لتدخل بعدها القطاع الأمني، فطالما شغل بالها ذلك الزي العسكري والكاريزما التي كانت تحلم بها وهي تحمل سلاحها وتؤدي واجبها في تطبيق القانون وحماية المجتمع.
ولكن تلك “الأحلام الوردية” كما وصفتها الضابطة برتبة ملازم أول “ن. ع” تبددت بمجرد أن وضعت رتبتها على كتفها ومارست وظيفتها التي جعلتها لاحقا في “ورطة” وفي داخل قلبها “غصة” لم تفارقها حتى الآن.
تقول الضابطة ن. ع “في بداية عملي كنت متحمسة جدا ولكن سرعان ما فقدت تلك الرغبة وتنازلت عن طموح كان الأسمى بالنسبة لي، فكثرة المضايقات والضغوط والتهميش وعدم التقدير جعلتي أفكر بأني في المكان غير المناسب، ولأن خيار الانسحاب من العمل ليس سهلا فقد أصبحت في ورطة فعلية، فالعمل وظيفة مهمة بالنسبة لي لكنه يخلو من التقدير والإنصاف، رغم أن رتبتي العسكرية أعلى وتفرض على المنتسب إبداء التحية إلا أنه لم ينادني بكلمة سيّدتي على الإطلاق”.
مضايقات وعدم إنصاف
وتكمل الضابطة “الزملاء لا يعرفون ماذا تعني التحية العسكرية بالنسبة لي، ولو خيّروني بينها وبين البدل المالي سأختار الرتبة مهما بلغت قيمة البدل المالي، فالتحية (واجبة) للمرسوم الجمهوري بغض النظر عن حامله”، مشددة على أن “الأمر على أرض الواقع يختلف تماما عما يظهر في الإعلام، وربما منشور الضابطة لارا فاضل التي رفضت فيه تقبل البدل المالي عوضا عن أداء التحية العسكرية وموجة السخرية والتنمر التي تعرضت لها، خير دليل على ذلك”.
وتضيف أنها تشعر بعدم الإنصاف وكذلك أغلب زميلاتها “لعدم حصولنا على الاستحقاق الوظيفي والمراوحة في مكاننا، بينما يتسابق الرجال على المناصب، كما نخشى التعبير عن آرائنا أو الاعتراض، فلا أحد يتكهن بأساليب الانتقام الملتوية التي ستطلق تجاهنا لمجرد إبداء الملاحظات”.
وأشارت إلى أن إعطاء العوض المالي بدلاً عن التحية العسكرية للعنصر النسوي خير دليل على كلامها، فعندما رفضناها علنا تعرضنا لمشاكل كثيرة، بالإضافة إلى موجة السخرية والتنمر من بعض أفراد المجتمع.
وتستمر الضابطة “ن. ع” في حديثها: ربما لا تساوي معاناة بعض الضابطات شيئا أمام ما تعانيه بعض المنتسبات خاصة في محافظات الوسط والجنوب حيث التمييز الطبقي بين الضابطات وبقية المنتسبات، وعدم الإنصاف في منح الإجازات وكتب الشكر والتقدير والإيفادات والمناصب، رغم ما يفرض عليهن من مهام إضافية، كذلك الحرمان من الاشتراك في دورات الضباط، إذ إن أغلب الأسر لا تسمح لنسائهن بالسفر إلى بغداد أو البصرة للاشتراك في دورة الضباط كونها تتطلب البقاء خارج المنزل لأيام طويلة قد تصل إلى سنة تتخللها فترة الإجازة.