قانون الأمن الغذائي.. التفاف على الموازنة وتعميق للأزمات
خلق مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية الذي أرسلته الحكومة واستكمل البرلمان القراءتين الاولى والثانية له، حالة من التذمر والرفض السياسي والشعبي مع تحذيرات اطلقها مختصين من خطورة تمريره لما له من تداعيات سلبية ستعطي الحكومة صلاحية خارج القانون للتصرف بالأموال العامة ويعمق حالة الانسداد السياسي.
ففي الوقت الذي استبعد فيه خبير اقتصادي امكانية تمرير قانون الأمن الغذائي والتنمية داخل قبة البرلمان نتيجة لحجم الرفض البرلماني له، رأى اخر ان تمرير القانون سيفسح المجال للطعن به وقبول الطعن داخل المحكمة الاتحادية لتضمنه خروقات قانونية واضحة والتفاف على الموازنة الاتحادية، ناهيك عن كونه سيؤدي الى تعميق الانقسام والانسداد السياسي.
الخبير الاقتصادي نبيل جبار العلي، استبعد امكانية تمرير قانون الأمن الغذائي والتنمية داخل قبة البرلمان نتيجة لحجم الرفض البرلماني له.
وقال العلي في حديث، ان “قانون الأمن الغذائي يعيش مرحلة صعبة نتيجة لحجم الرفض البرلماني له، وحتى وإن تم تمريره بطريقة او باخرى فانه لن يرى النور لامكانية الطعن به لدى المحكمة الاتحادية وقبول الطعن منها”، مبينا أن “القانون بشكله الحالي لا يتضمن رؤية لدعم الفقراء ولم يكن ضمن المواد الدستورية او قواعد العمل الحكومي في حكومة تصريف الاعمال”.
واضاف العلي، ان “اقرار هكذا قانون معناه منح صلاحيات حكومة كاملة فهذا الأمر سيسهم في تعميق الانسداد السياسي على اعتبار انتفاء الحاجة الى الاسراع في تشكيل حكومة جديدة او اعادة مسار العملية السياسية”، لافتا إلى انه “بغض النظر عن الجوانب الفنية على القانون فإنه من الناحية القانونية يعتبر مخالفة صريحة كونه مشرع من حكومة تصريف اعمال لا تمتلك صلاحيات لتشريع القوانين والا كان الاجدر بها تشريع قانون الموازنة وانهاء الجدل”.
وتابع أن “القانون محاولة سياسية للالتفاف على قانون الموازنة والعملية السياسية، من خلال الإبقاء على حكومة تصريف اعمال، على اعتبار ان حكومة تصريف الاعمال لديها امكانية الوصول الى 75% من حجم الإنفاق وهو الإنفاق الاستهلاكي لكنها لا تستطيع الإنفاق الاستثماري والبالغة 25% وتشريع هكذا قانون معناها اعطاءها الصلاحية للوصول الى النسبة المتبقية و ينهي الحاجة الى الموازنة او تشكيل حكومة جديدة”.
المراقب للشأن الاقتصادي حسن الحاج، اكد ان قانون الدعم الطارئ للامن الغذائي يتضمن خروقات قانونية عديدة والتفاف واضح على قانون الموازنة، مشيرا الى ان القانون سيمنح الحكومة صلاحية الوصول الى نسب من الأموال خارج صلاحيتها ضمن عنوان حكومة تصريف الأعمال اليومية.
وقال الحاج في حديث ، ان “هنالك الكثير من الملاحظات حول قانون الامن الغذائي على اعتبار ان بعض فقراته تحتوي على مضامين خطيرة جدا وتجرد البرلمان من بعض صلاحياته في إعداد الموازنة ويفرغها بشكل تام من مضامينها ناهيك عن التجاوزات القانونية التي تضمنها”، مبينا أن “القانون يجعل من صلاحيات حكومة تصريف الأعمال صلاحيات حاكمة وهو التفاف واضح على قانون الموازنة”.
وأضاف الحاج، ان “القانون سيسهم في تعزيز الانسداد السياسي”، لافتا الى ان “هنالك بعض القوى تسعى لتمرير القانون من بينها التحالف الثلاثي وامتداد والجيل الجديد وقد تستطيع تلك الاطراف من خلال الاغلبية تمريره داخل قبة البرلمان”، لافتا الى ان “المشوار لن ينتهي الى هذه المرحلة فقد يصطدم القانون باعتراضات من قبل بعض القوى السياسية والذهاب الى الطعن به لدى المحكمة الاتحادية وامكانية قبول الطعن نتيجة لمخالفته العديد من مسارات الدستور وصلاحيات حكومة تصريف الاعمال”.
وتابع ان “حكومة تصريف الاعمال لديها صلاحيات محددة بنسبة 1/12 للجوانب التشغيلية حصرا وهي تحاول من خلال القانون منح نفسها صلاحية الوصول الى النسبة المتبقية من الاموال عبر تشريع هذا القانون كي تحظى بصلاحيات الحكومة الكاملة”، مشددا على ان “هنالك بعض القوى ومنها الاطار التنسيقي تسعى لرفض هذا القانون والتركيز على ارسال الحكومة لقانون الموازنة الاتحادية كبديل عنه كونها ونعني الموازنة هي القانون الأنسب لمعالجة الوضع الاقتصادي وتلائم الجوانب القانونية لصلاحيات الحكومة والبرلمان على حد سواء”.