تراجع جرائم القتل في العراق بنسبة 19% ووزارة الداخلية تكشف الأسباب والإجراءات
بقلم :: سجى عماد
اكد عميد مقداد الموسوي المتحدث الرسمي باسم وزارةالداخلية : فيما يتعلق بالإحصائيات الخاصة بالعام الماضي،سجلت الجرائم بشكل عام انخفاضًا بنسبة 21%، بينما انخفضت جرائم القتل بنحو 19% مقارنة بالأعوام السابقة،مما يعكس تحسنًا في الوضع الأمني بشكل عام. إذا نظرناإلى الأسباب الرئيسية وراء جرائم القتل، نلاحظ أن الفقر،المخدرات، المشاكل الاجتماعية والأمراض الاجتماعية .
أما بالنسبة للاستراتيجية التي تتبعها وزارة الداخلية لمكافحةالجرائم، فهي تركز على منع وقوع الجرائم في المقام الأول،إضافة إلى سرعة اكتشافها في حال حدوثها. وتشمل هذهالاستراتيجية التوعية القانونية، الإجراءات القانونية الصارمة،ومتابعة الجناة وملفات الجناة، وغيرها من الإجراءات التيتهدف إلى الحد من انتشار الجرائم.
فيما يتعلق بالمناطق والفئات العمرية التي تشهد معدلات أعلىمن جرائم القتل، فإن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية،مثل شرق القناة وغيرها من المناطق التي تعاني من معدلاتفقر مرتفعة، تكون الأكثر تعرضًا لهذه الجرائم. كما أن الفئةالعمرية بين 17 و35 عامًا تشهد أعلى معدلات لجرائم القتل،بينما تكون المعدلات أقل في الفئات العمرية الأخرى.
أما فيما يخص تعامل وزارة الداخلية مع الجرائم الناتجة عن العنف الأسري أو النزاعات العشائرية، فإن الوزارة تتبع قوانينخاصة للعنف الأسري وتشدد من إجراءاتها في هذا المجال. بالنسبة للنزاعات العشائرية، يتم التعامل معها كجرائم إرهابية،مما أسهم في انخفاض معدل الجرائم المتعلقة بها بنحو 70%
صرّح أرشد الحاكم، المتحدث باسم الأمن الوطني، بأن دورالجهاز لا يقتصر على رصد ومنع جرائم القتل، بل يشمل أيضًاإلقاء القبض على مرتكبيها، إلى جانب توعية المجتمع بعقوباتالجناة وضمان عدم إفلاتهم من العدالة.
وأشار الحاكم إلى أنه لا يمكن تحديد جهة أو نمط واحدمسؤول بشكل قاطع عن تصاعد جرائم القتل، حيث تختلف الدوافع باختلاف الظروف المحيطة بكل جريمة. ومع ذلك، يعمل جهاز الأمن الوطني بشكل مستمر على تحليل المؤشرات الأمنية، ومتابعة أي تحركات قد تشكل تهديدًا، مع التركيز علىالمعالجة الاستباقية قبل تفاقم الأوضاع.
وأكد أن هناك تعاونًا دائمًا بين الأمن الوطني وأجهزة الشرطةوالاستخبارات والقضاء، حيث يتم تبادل المعلومات بشكل دوريوتنسيق العمليات الأمنية المشتركة لتحديد وتفكيك الخلايا الإجرامية، والتصدي للتهديدات قبل تصاعدها. كما أوضح أنالعوامل الاقتصادية، مثل البطالة والفقر، والعوامل الاجتماعية،مثل التوترات الطائفية أو العائلية، قد تساهم في ارتفاعمعدلات الجريمة، مما يجعل التوعية المجتمعية جزءًا أساسيًامن الاستراتيجية الأمنية للحد من هذه الظاهرة.
وأضاف الحاكم أن مكافحة الجريمة المنظمة تتطلب استخدامتقنيات متقدمة، مثل تحليل البيانات وتنسيق الجهود مع الجهاتالقانونية والقضائية، إلى جانب استهداف الأموال غيرالمشروعة والقبض على العناصر القيادية في الشبكات الإجرامية.
وأكد أن جهاز الأمن الوطني يلعب دورًا محوريًا في تتبع المجرمين عبر التحقيقات الاستخباراتية، ومراقبة الأنشطةالمشبوهة، والتعاون مع فرق التحقيق الجنائي. كما يعتمد علىتقنيات حديثة، مثل المراقبة الإلكترونية وتحليل البيانات،لاستهداف المشتبه فيهم وتعزيز الجهود الأمنية.
وفي سياق حديثه، أشار الحاكم إلى أن إحدى أبشع الجرائم التي كشف عنها الأمن الوطني كانت جريمة قتل زوجة لزوجهابمساعدة ثمانية متهمين آخرين، بالإضافة إلى جريمة قتلوتقطيع سائق أجرة بهدف سرقة مركبته، حيث تم توثيقالقضيتين ونشر تفاصيلهما، في إطار جهود توعية المجتمعبخطورة الجرائم والعواقب المترتبة عليها.
وبحسب تقارير الاستخبارات : ان أبرز أنواع الجرائم المنظمة ,
الاتجار بالمخدرات، تهريب الأسلحة،التهريب عبر الحدود، الاختطاف وطلب الفدية، غسيل الأموال، الاتجار بالبشر،
بالإضافة الى ان مصادر التمويل تشمل تجارة المخدرات التيتعد مصدرًا رئيسيًا للتمويل، بالإضافة إلى التهريب سواءتهريب النفط أو السلع الأخرى. كما يعتمدون على الابتزاز و الاختطاف للحصول على أموال كبيرة من خلال طلب الفدية،إلى جانب التمويل الخارجي، حيث تتلقى بعض الجماعات دعمًا ماليًا من جهات خارجية لتنفيذ عمليات إرهابية أو إجرامية.
أما الجهود المبذولة لقطع مصادر التمويل، فتتمثل في تعزيزالرقابة على الحدود لمنع تهريب المخدرات والأسلحة، وتعقب التحويلات المالية المشبوهة بالتعاون مع البنوك والمؤسسات المالية، والتعاون الدولي مع دول الجوار والمنظمات الدوليةلمكافحة التمويل غير المشروع، إضافة إلى إصدار تشريعاتصارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
وتقول الاحصائيات لعام 2024 الجرائم المالية 1973, التزييف والتزوير 193, التهريب 4145 , الاثار 175 , الاتجار بالبشر 307 , اقامة غير مشروعة 742 , التسول 1053, الاتجار بالاسلحة 216, الجرائم الصحية 3929, الغش التجاري 1098, غلاء الاسعار 1711, المخدرات 108 ,الارهاب 72 ,القتل 61 ,المخلفات 61.
ومن جانبه يقول الدكتور احمد الذهبي متخصص في علم النفس: تعد العوامل النفسية من الأسباب الرئيسية التي قدتدفع الفرد إلى ارتكاب جريمة. هذه العوامل تشمل عدة جوانب،مثل: الاضطرابات النفسية، العدوانية، النرجسية، عدم الاستقرار العاطفي، الضغوط النفسية، نقص التحكم في الانفعالات، التأثيرات البيئية، نقص القيم والأخلاق،والاضطرابات العصبية، وكذلك التأثيرات الجينية. كما أن هذه العوامل تتنوع وتتداخل لتشكل دوافع قد تؤدي في بعض الحالات إلى ارتكاب الجرائم.
واشار الذهبي في هذا السياق، تظهر بعض السمات الشخصية والاضطرابات النفسية بشكل منتظم بين المجرمين. من المهم التنويه إلى أن وجود هذه السمات لا يعني بالضرورة أن الفرد سيصبح مجرمًا. من أبرز هذه السمات: انخفاض التعاطف، عدم الاستقرار العاطفي، صعوبة التحكم في الانفعالات، عدم احترام القواعد والقوانين، اضطرابات الشخصية، اضطرابات سوء استخدام المواد، واضطرابات الصحة النفسية.
يؤثر الضغط النفسي والتوتر على السلوك الإجرامي بطرق متعددة، وقد يكون له تأثير إيجابي أو سلبي. من المهم أخذالعوامل المؤثرة في الاعتبار مثل: الضغط النفسي، التوتر،البيئة، والخصائص الشخصية لتفهم العلاقة بين الضغطالنفسي والسلوك الإجرامي بشكل أفضل.
وفيما يتعلق بالحد من السلوك الإجرامي، يؤكد الذهبي أنبرامج التأهيل النفسي تلعب دورًا كبيرًا في تقليل معدلاتالجريمة. من أبرز هذه البرامج هو العلاج المعرفي السلوكيالذي يساعد المجرمين على تغيير سلوكهم وتطوير استراتيجياتللتعامل مع المواقف الصعبة. كما يمكن أن تسهم برامج العلاجالنفسي في معالجة القضايا النفسية التي قد تؤدي إلىالسلوك الإجرامي، بينما تعمل برامج التأهيل المهني على تزويدالمجرمين بالمهارات اللازمة للعثور على عمل وتحقيق الاستقرارفي المجتمع، مما يعزز من فرص إعادة إدماجهم بشكلإيجابي.
يتحدث ولي لخفاجي باحث اجتماعي : اتُعدُّ الجريمة منالقضايا المهمة، خصوصًا في المجتمعات التي تمرُّ بتغيراتاجتماعية وسياسية واقتصادية حادة، إذ غالبًا ما تكون هذه التغيرات بيئة خصبة لارتفاع معدلات الجريمة. والمجتمع العراقي واحد من هذه المجتمعات التي تعرضت لهزات اجتماعية وسياسية واقتصادية عنيفة، مما جعل انتشار الجريمة محصلة طبيعية لهذه الظروف.
وهناك أسباب للجرائم ، أبرزها التغيرات المفاجئة التي شهدها المجتمعالعراقي، والانفلات الأمني الذي حدث في فترات معينة، فضلًاعن التحديات الكبرى التي مرت بها البلاد، مثل الإرهابوالصراعات المسلحة. كل ذلك أدى إلى فتح المجال أمام ضعافالنفوس لارتكاب أبشع الجرائم، كعمليات القتل والسطووانتشار المخدرات وغيرها.
من جانب آخر، هناك ضعف واضح في الضوابط الاجتماعيةالتي كان المجتمع العراقي يتمسك بها سابقًا، مثل سلطة الأبوين، ودور المعلم، وتأثير البيئة الاجتماعية القوية. هذهالضوابط تراجعت اليوم، وحلّ محلها تأثير الإنترنت ووسائلالتواصل الاجتماعي، التي ساهمت في نشر ثقافات غريبةوتقليد غير مدروس للمجتمعات الأخرى، مما أدى إلى تصاعدمعدلات الجريمة.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن البطالة والفجوة المتزايدة بينالطبقات الفقيرة والغنية أسهمت في خلق ما يُعرف بـ”الحقدالاجتماعي”، حيث يشعر بعض الأفراد بالظلم عندما يرونأنفسهم يعانون اقتصاديًا بينما يعيش آخرون في رفاهيةمفرطة، مما يدفع البعض إلى ارتكاب الجرائم بدافع الانتقام أوالحاجة.
ولا يمكن إغفال دور التنشئة الاجتماعية والأسرة في انتشار الجريمة، فغياب الرقابة الأبوية وكثرة الأبناء داخل العائلة مع قلةالموارد الاقتصادية قد تؤدي إلى ظهور سلوكيات منحرفة،خصوصًا بين الأحداث والأطفال، مما يسهم في زيادة معدلات الجريمة مستقبليًا.
وبالتالي، فإن معالجة هذه الظاهرة تتطلب جهودًا متكاملة علىالمستويات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، لتعزيز الاستقراروالحد من تفشي الجريمة في المجتمع
ويضيف الخفاجي : تلعب الأسرة والتنشئة الاجتماعية دورًاكبيرًا في الوقاية من السلوك الإجرامي، إذ تُعد الأسرة البوصلةالأولى التي يتلقى منها الفرد القيم والعادات والتقاليدوالتوجيهات الأولى في حياته. وعندما تتفكك الأسرة، تضعفهذه القيم، ما يؤدي إلى اضطرابات في سلوك الأبناء.
تشير الدراسات إلى أن التفكك الأسري يُعد من أبرز العواملالمؤدية إلى جنوح الأحداث، ويحدث هذا التفكك بطرق مختلفة،مثل الطلاق، الهجر، المشكلات الأسرية المزمنة، أو حتى إدمانأحد الوالدين أو كليهما. هذه العوامل تخلق بيئة غير مستقرةتجعل الأبناء أكثر عرضة للانحراف نتيجة غياب الرقابة الأسريةوالتوجيه السليم داخل المنزل.
أما فيما يتعلق بالفئات العمرية الأكثر تورطًا في الجرائم، فإنجميع الفئات مشمولة، لكن الشباب بين سن 18 و30 عامًا همالأكثر ميلًا إلى ارتكاب الجرائم، نظرًا لعوامل مثل الاندفاع،حب التقليد، القوة الجسدية، والرغبة في التجربة. هذه الفئة هيالأكثر تورطًا في جرائم المخدرات، الاعتداءات، والسرقاتوغيرها.
ويمكن تصنيف الحلول الوقائية إلى الوقاية التشريعية تتعلق بتشريع القوانين التي تحد من انتشار الجريمة، مع ضرورةتفعيلها بجدية، مثل قانون مكافحة المخدرات، قوانين الجرائم الإلكترونية، وقوانين مكافحة التشرد والتسول. إن وجود هذهالقوانين دون تفعيل صارم لن يكون له الأثر المطلوب في الحدمن الجريمة , والوقاية الميكانيكية تهدف إلى إغلاق المنافذ التيتسهّل ارتكاب الجرائم، مثل ضبط الحدود لمنع تهريب المخدرات،فرض رقابة صارمة على الأماكن المشبوهة كالمقاهي غيرالمرخصة، وتعزيز الأمن في المناطق ذات معدلات الجريمةالمرتفعة، مما يقلل من فرص ارتكاب الجرائم , والوقايةالإصلاحية تركز على توعية المجتمع ونشر الثقافة القانونيةوالسلوك الإيجابي من خلال وسائل الإعلام، المدارس، المناب رالدينية، ووسائل التواصل الاجتماعي. تعزيز الوعي يساعد الأفراد على إدراك مخاطر الجريمة وتأثيراتها السلبية،ويحفزهم على التصرف بمسؤولية داخل المجتمع
